في أحد أيام الصيف الحارقة، اجتمعت مجموعة من الأصدقاء في بيت قديم يقع على حافة المدينة، بحثًا عن ملجأ يمنحهم بعض الراحة بعيدا عن حر الشمس اللاهبة. كان المنزل محاطًا بأشجار كثيفة، تظلل فناءً صغيرًا يحوي على نافورة قديمة تخرُّ بينها قطرات ماء باردة متقطعة، لكنها لم تكن كافية لتبدد تلك الحرارة المشتعلة.
بين أرجاء الغرفة، كان الجميع يتبادل الحديث، لكن أصوات الضحك كانت تكاد تختنق بسبب شعورهم المزعج بالخمول والتعب. كانت الحرارة كما لو أنها قوة لا تُقاوم، تتسلل إلى أعماق أجسادهم، تلهب جلدهم وتجعل أنفاسهم ثقيلة.
حاولوا إطفاء تلك الحرقة بشتى الطرق: فتحوا النوافذ على مصاريعها، شربوا الماء البارد، وضعوا منشّفات مبللة على وجوههم، وحتى استخدام المراوح القديمة التي تصدر أصواتًا مملة لكنها باردة قليلاً. ومع ذلك، بقيت الحرارة، لا تتركهم ولا ترحمهم.
في لحظة من الصمت، أدركوا أن هذه الحرارة ليست مجرد حالة جوية، بل هي شعورٌ أعمق؛ حرارة الشوق والأمل التي لا تنطفئ مهما حاولوا الهروب منها. كانت تلك الحرارة داخلهم، ملتهبة بالأحلام والرغبات، تنير دروب حياتهم بظلٍ من التحديات والفرح.
وهكذا، تعلموا أن هناك حرارات ليست مادية ولا يمكن إطفاؤها بالماء أو المراوح، بل تحتاج إلى الصبر والتسامح والذكريات الجميلة كي تظل شعلةً تنير القصص التي يروونها لبعضهم البعض في أيام الصيف الحارقة.