في أحد أمسيات الشتاء الهادئة، جلس سامر وليلى في شرفة المنزل يتبادلان أطراف الحديث تحت سماء مرصعة بالنجوم. لم تكن الساعة قد تجاوزت العاشرة، لكن الكأس بين يديهما شكّل حاجزًا شفافًا من الدفء الذي بدأ يتسلل إلى قلبيهما. كانت الليلة مختلفة، إذ لم يرغب أي منهما في أن تنتهي، يرغبان في لحظات تستمر بلا انقطاع، حيث تتلاشى هموم العالم الخارجي وتختفي بين ثنايا الحديث والضحك.
تحدثا عن أحلامهما، عن الأيام التي مضت، وعن المستقبل المجهول الذي وعد بالخير. كان سامر يستمع باهتمام لكل كلمة تنطق بها ليلى، وكانت تنظر إليه بعينين تملؤهما الثقة والحنان. ما بين نغمة صوتها ودفء حضورها، شعر كل منهما بأن الوقت توقف، وأن المكان انحسر عن عالمهما الخاص. تبادلا القصص القديمة، ذكريات الطفولة، والأحلام التي لطالما احتفظا بها في أعماق القلب.
وفي كل لحظة كانت تمتد فيها الليلة، زاد الشعور بالطمأنينة والأمان. لم تكن الحاجة إلى الكلمات كثيرة، فوجودهما جنبًا إلى جنب كان كافيًا ليخبرهما بكثير. الليلة التي لم يرغب أيٌّ منهما أن تنتهي، تعلمتهما أن السعادة الحقيقية تكمن في هذه اللحظات البسيطة، في التواجد مع من نحب، فيسكب كل منا القليل من روحه في قلب الآخر.
وبينما كانت الرياح تهب برفق، وعطر الليل يملأ الأجواء، أدركا أن هذه اللحظات هي ما يصنع الذكريات، وأن أعمق الروابط تتشكل في صمت الليل، حيث يكون القلب وحده هو المتحدث. كانت تلك الليلة بداية لقصة جديدة، قصة يستحقانهما أن يحتفظا بها في زوايا ذاكرتهم، كتذكرة جميلة بأن بعض الليالي تحمل سحرًا خاصًا لا يُنسى.