حين طلبت منه أن يكون أكثر شراسة هذه الليلة، لم تكن تلك مجرد كلمات عابرة، بل كانت دعوة لاستكشاف جانب جديد من شخصيته، جانب يختبئ خلف هدوءه المعتاد وابتسامته الهادئة. كانت ليلة مختلفة، تحمل معها نفحات من الغموض والتحدي، حيث رغبت أن يخرج من قوقعته المعتادة ويتعامل مع الموقف بقوة وحزم لم أرها فيه من قبل.
بدأت القصة في مساء هادئ، حيث كنا نجلس في الزاوية المفضلة من المقهى، نتبادل الحديث والضحكات. شعرت في داخلي بحاجة لتغيير، لشعور بالقوة والحيوية يتغلغل في أوقاتنا المشتركة، لذلك همست له: “أريدك أن تكون أكثر شراسة هذه الليلة”. لم أكن أقصد القوة المفرطة أو العدوانية، بل الشراسة في الالتزام، في التعبير عن ذاتك بلا خوف، في اتخاذ القرارات بسرعة وشجاعة.
ابتسم لي بنظرة خفيفة حاولت أن تخفي فيها دهشة صغيرة، لكنه لم يرفض، بل أخذ كلامي على محمل الجد. بدأ يتصرف بثقة متزايدة، راقبته وهو يختار الكلمات بعناية أكبر، يتحدث بنبرة أقوى، وأفعال أكثر جرأة. في تلك الليلة، لم يكن مجرد شخص يعرف كيف يلبس الشجاعة على وجهه، بل كان فارساً جديداً يخوض معركة مع ذاته، يحاول أن يرضي رغبتي في رؤية ذلك الجانب القوي الذي كنت أتخيله.
كانت كل لحظة تمر تحمل معها نوعاً من الإثارة الهادئة، فشراسته لم تكن في الصخب أو القسوة، بل في الثبات والوضوح، في القدرة على اتخاذ المواقف بحدة وعزيمة دون أن يفقد احترامه أو رقيه. أعجبتني تلك القوة الجديدة التي نمت بداخله، كانت مثل النار التي لا تحرق، بل تضئ وتدفئ.
في نهاية الليلة، علمت أن الشراسة ليست دائماً عن العنف أو الاصطدام، بل أحياناً عن القوة الداخلية التي تدفع الإنسان ليكون أكثر وضوحاً وحضوراً في حياته وحياة من يحب. تلك الليلة، لم أطلب منه سوى أن يكون مختلفاً قليلاً، ولم أكن أتوقع أن يفتح بوابة جديدة للعلاقة بيننا، بوابة مبنية على احترام الذات والجرأة التي تُشعرك بالأمان والراحة في آن واحد.