في إحدى الليالي الحالكة، كان جسده يعاني من قلقٍ عميق لم يجد له تفسيرًا واضحًا. لم يكن الأمر متعلقًا بالتعب الجسدي، بل بشعورٍ داخلي غريب لا يهدأ، كما لو أن روحًا متوثبة في داخله تحاول أن تعبّر عن شيء ما لكنه لا يعرف ما هو.
بدأت الساعات تمر ببطء ثقيل، وكل محاولة للنوم كانت كأنها معركة بين عقله وجسده. تحسس جسده بأطراف يديه، كأنه يبحث عن نقطة استراحة أو نعومة تريح روحه المتعبة، لكنه لم يجد. كل جزء فيه كان متوترًا، ينبض بعنف في صمت الليل، يذكره بأن راحته لا تزال مجهولة.
حاول أن يقرأ كتابًا ليُلهي نفسه، لكن الكلمات انزلقت من بين أصابعه كأنها رماد لا يثبُت. أطفأ النور، لكن الظلام لم يحضر للراحة، بل زاد من وشوشات الأفكار التي تجول في رأسه بلا توقف. في لحظة ما، نهض وأخذ يمشي في الغرفة ذهابًا وإيابًا، محاولةً إخماد نيران هذه الحالة الغريبة.
كانت تلك الليلة تحمل في طياتها درسًا عن الصبر والمرونة، وعن أن الجسد أحيانًا يعبر عن نفسه بلا كلام، ليطلب الانتباه والرعاية. لم تكن الراحة تأتي بسهولة، لكنها لم تكن مستحيلة أيضًا. مع بزوغ الفجر، وببطء تدريجي، بدأ جسده يستسلم لهدوء جديد، تاركًا وراءه ليلة لم يعرف فيها الراحة، لكنه اكتسب فهمًا أعمق عن نفسه وعن حاجاته.
وهكذا، تعلم أن بعض الليالي ليست فقط عن النوم والراحة، بل عن الاستماع إلى الصمت الداخلي ومحاولة التوفيق بين الجسد والعقل، حتى يجد الإنسان في النهاية طريقه إلى السلام الداخلي.