بين الصمت الطويل واعتراف قلب الموازين
في زخم الحياة وصخب الأيام، هناك لحظات تختبئ فيها الكلمات، ويجلس القلب صامتًا على مقعد الانتظار. الصمت الطويل ليس فراغًا، بل هو لغة تروي حكايات لم تُقال، ومشاعر تتهيأ للانفجار حين يحين الزمن المناسب. هو ذلك الليل الذي يحتضن تأملات الروح، واللحظة التي تتخذ فيها المشاعر مأوى عميقًا داخلك، خوفًا من أن تُفقد أو تُساء فهمها.
كان هناك شاب يعيش بين عالمين، عالم الصمت وعالم الاعتراف. في داخله معركة دائمة بين ما يريد قوله وما يخشى البوح به. كان قلبه كالموازين، لا يميل إلا بصدق، لكنه ظل طويلًا يقيم التوازن بين العاطفة والعقل، بين الرغبة والواقعية. لم يكن يهوى الكلمات الجارحة، ولم يرِد أن يكون عبئًا على غيره، فاختار الصمت ملجأً له، يتلمس فيه أعمق أسرار نفسه.
مرت الأيام، وبينما كانت مداد الحياة يرسم خطوطه، بدأ قلبه يزداد ثقلًا، حتى لم يعد الصمت قادرًا على احتواء كل المشاعر. هنا بدأ الاعتراف ينبثق كضوء صغير في قلب الظلام، يعلن بداية التغيير. الاعتراف لم يكن مجرد كلمات تُقال، بل لحظة صادقة تنبع من أعماق الروح، تحمل توازن الموازين بتروي، تزن فيها المشاعر قبل النطق بها، فلا تعبر إلا بما يشفي وينير.
كانت قصة هذا القلب بين الصمت والاعتراف، رحلة عرف فيها أن الصمت أحيانًا هو كلام وأحيانًا هو انتظار، وأن الاعتراف الحقيقي لا يحتاج إلا إلى شجاعة صافية وقلب متزن. في تلاقي الصمت الطويل مع اعتراف القلب نجد أن الحياة ليست فقط ما يُقال، بل ما يُحس ويُوازن، حيث يستقر الإنسان على مقربة من ذاته، ويتعلم أن الأعذب ليس في الكلام الكثير، بل في صدق المشاعر وبساطة التعبير عنها.
وهكذا تبقى الموازين في قلب كل منا، تُفكر، تصمت، تعترف، وتُوازن، لتُهدي الحياة معناها الحقيقي وجمالها العميق.