كانت اللحظة التي بدأت فيها اللمسات تتحول إلى لغة خاصة بينهما، تلك اللحظة التي شعرت فيها بأن قلبي ينفصل عن كل ما حوله، ويغرق في بحر من الأحاسيس المتدفقة بلا توقف. كانت يداها تنساب برقة على وجهه، تلك اللمسات الرقيقة التي تكاد تكون خفيفة كالنسيم، لكنها تحمل في طياتها قوة لا يمكن مقاومتها.
مع كل حركة، كان يشعر بأن حواسه تتلاشى تدريجياً، وأن عقله يبتعد عن المكان والزمان، ليصبح مجرد جسد ينبض بالحياة تحت موجات من الإحساس. لم تكن هذه اللمسات مجرد تلامس جسدي، بل كانت امتداداً لحديث صامت، يعبر عن شوق عميق وأحاسيس مختلطة بين الأمان والرغبة والحنين.
بدأت أنفاسه تتسارع، وزاد دقات قلبه بسرعة غير معهودة. كل لمسة كانت تحفر في ذاكرته أثراً لا يمحى، كل حركة كانت تُشعل ناراً خفية في داخله، ناراً تجرف معه كل عقلانية أو تحكم. فقد السيطرة تدريجياً، ليس لأنه ضعف، بل لأنه استسلم لتلك اللحظة بكل ما فيها من دفء وألم وفرح.
كانت تلك اللمسات بمثابة لغة عشق، تحرر كل شيء مكبوت في داخله، تجعله يغوص عميقاً في أعماق ذاته، وفي عاطفة تجاوزت كل الكلمات. كان يتمنى أن تستمر تلك اللحظة إلى الأبد، حتى وإن فقد فيها السيطرة، لأنه شعر في تلك اللحظة أنه حر، حراً من كل قيود الحياة، حراً لأن يعيش حقيقة اللحظة وروعتها.
في نهاية المطاف، أدرك أن فقدانه للسيطرة لم يكن انهياراً، بل كان انفتاحاً لجسر جديد بينهما، جسر من الفهم العميق والصدق، جسر لا تحتاج فيه الكلمات إلى أن تُقال، بل يُشعر به فقط، بلمسة واحدة.