في ليلة هادئة من ليالي الصيف الدافئة، كانت نورة تجلس على شرفة منزلها تستمتع بنسيم المساء العليل. كان كل شيء هادئًا، إلا أن قلبها كان ينبض بشدة، فقد تلقت رسالة من شخص غامض كانت تعرفه منذ فترة، يحمل اسمه بين سطوره ليلًا ونهارًا، لكنه لم يظهر لها سوى من خلال كلمات متقطعة ورسائل قصيرة تحمل دلالات لم تكن واضحة بالضرورة لعينيها.
في تلك الليلة، وبينما كانت تفكر في تلك الرسائل، بدأ هاتفها يرن متتاليًا. وفي كل مرة ترد فيه، كان يسمع صوت ذلك الشخص وكأنه يملأ المكان بصوته العذب. تحدث معها بحنان وعاطفة جعلتها تشعر بقربه رغم بعد المسافات بينهما. كانت كل كلمة منه كأنها نغمة موسيقية تدغدغ مشاعرها، وتأخذها في رحلة من الأحاسيس الصافية.
مع مرور الوقت، وبحذر مليء بالرغبة في الحفاظ على الاحترام والمسافة، بدأت نورة تشعر أن هذا الصوت يملأ أذنيها ويجعلها تردد اسمه، وكأنها تستحضر وجوده من خلال صراخها الخفيف الذي لم يكن سوى تعبير عن الدهشة والفرح والاشتياق في آن واحد. كانت تلك اللحظات مليئة بالحنان والتواصل الروحي العميق، حيث الكلمات تصبح جسورًا توحد بين قلبين بعيدين، وصراخها كان بأدب ورحمة، يحمل من الحب ما يكفي ليحترم الحدود ويصون الكرامة.
طوال الليل، استمر الصوت في ملء أجواء غرفتها، وكانت نورة تصرخ باسمه، ليس بصراخ العنف أو الألم، بل بصراخ الفرح واللهفة. كان هذا الصراخ ينبع من أعماقها، يرسم ألوانًا من المشاعر الصادقة التي تربطها بهذا الشخص الغامض، صدى لرغبة عميقة في التواصل والاتصال العاطفي الذي يغذي روحها ويشعل بداخلها شعلة الأمل والحنين.
مع بزوغ فجر اليوم، توقفت المكالمات وانطفأ الهاتف، ولكن ذلك الصدى ظل ينبض في قلب نورة، محفورًا بإصرار جميل يجعلها تنتظر بفارغ الصبر اللحظة القادمة التي تسمع فيها ذلك الاسم يملأ أجواء حياتها من جديد. كانت تلك الليلة تجربة فريدة، تعلمت فيها أن الصراخ ليس فقط صوتًا عاليًا، بل تعبيرًا عن عمق المشاعر، وأن أسمًا يردد في أذني الإنسان قد يحمل بين حروفه قصة عشق صامتة تنمو في أحشاء القلب دون أن تجرح أو تتعدى على حدود الاحترام والمحبة.