كان أحمد قد عاد من سفر طويل استغرق شهورًا، حيث قضى وقتًا بعيدًا عن وطنه وعائلته، يسير في طرقات غير مألوفة، يلتقي بأشخاص مختلفين، ويجمع ذكريات لا تُنسى. لكنه طوال تلك الأيام، كان يفكر في لقاء واحد ينتظره بفارغ الصبر، لقاء معها، تلك المرأة التي تركها وراءه على أمل أن يعيد له القدر لحظة تجمعهما من جديد.

وصل أحمد إلى المدينة في صباح مشمس، وحمل في قلبه مزيجًا من الشوق والترقب. توجه على الفور إلى منزله، وهناك، في ركن صغير من الحديقة التي كان يحبه، وجدها بانتظاره. بدت مختلفة تمامًا عن الصورة التي رسمها في مخيلته، ليست فقط بملامحها الهادئة، بل بطريقة وجودها الحاضرة التي تنبض بالمفاجأة والحنان.

لم تكن تحمل لافتة ترحيب، ولا حتى كلمة واحدة، بل كانت منتظرة بهدوء، تتمعن في تفاصيله التي تغيرت بفعل الزمن. تلك اللحظة كانت غير متوقعة، فقد خطت بخطوط مختلفة من العشق والاحترام. بدلاً من كلمات كثيرة، كانت نظراتها تعبر عن فرح عميق وامتنان لإصراره على العودة.

اقترب منها أحمد، واتسعت ابتسامتها، وكأنها تقول له: “لقد انتظرتك بطرق كثيرة، لكن هذه المرة، الطريقة التي وجدتك بها كانت أعمق وأصدق.” لم يكن هناك شيء مبالغ فيه أو مفرط، بل كان اللقاء يحمل بين طياته توأمة الصبر والحب الذي يسكن بينهما رغم بعد المسافات.

في تلك اللحظة، شعر أحمد بأن السفر لم يكن مجرد رحلة خارجية، بل كان رحلة نحو إدراك مدى قيمتها في حياته، وأن الطريقة التي انتظرته بها لم تكن فقط مختلفة، بل كانت رسالة تحفظ بينهما معنى اللقاء الحقيقي.

كان اللقاء بداية لحكاية جديدة، مفعمة بالهدوء والتفاهم، بعد طول انتظار. وقد أدرك أن أحيانًا، الطريقة التي ينتظر بها الإنسان من يحب هي ما يجعل اللقاء أكثر سحرًا وصدقًا مما يتخيله في أحلامه.

من lakhe