حين قررت أن تكون أكثر جرأة هذه المرة، شعرت بداخلي نبضًا جديدًا ينبثق من أعماق قلبي. لم يكن هذا القرار وليد لحظة عابرة، بل نتيجة تأمل طويل في حياتي ومواقفي. طوال سنوات، كنت أميل إلى الحذر والتحفظ، أركز على تجنب المخاطر وأبحث عن الأمان في منطقة الراحة الخاصة بي. لكن في أحد الأيام، أدركت أن الجرأة ليست مجرد كلمة يتداولها الناس، بل هي حالة ذهنية تسمح للإنسان بالتقدم واكتشاف ذاته بشكل أعمق.
بدأت قصتي في صباح يوم مشمس، حين وقفت أمام المرآة ونظرت إلى نفسي بعين مختلفة. شعرت أنني بحاجة لتغيير، ليس تغييرا جذريًا أو مفاجئًا، بل خطوة صغيرة تدفعني نحو الأمام. قررت أن أقول “نعم” للمواقف التي تخيفني عادة، أن أطرح أفكاري بصراحة أكثر، وأن أجرب أشياء جديدة كنت أتجنبها خوفًا من ردود الفعل أو الفشل.
كانت أول تجربة جرأة لي هي حضور ورشة عمل للمرة الأولى وحدي، دون صديق أو شخص أعرّفه. شعرت بالخجل والتوتر في البداية، لكنني تحديت نفسي وبدأت في التحدث مع الحضور، وشاركت أفكاري بشجاعة. كانت هذه اللحظة المفتاح الذي فتح أمامي أبوابًا كثيرة من فرص التعلم والتواصل.
توالت الخطوات الصغيرة التي اتخذتها: بدأت أرتدي ألوانًا أكثر جرأة في ملابسي، أكتب خواطر تعبر عن مشاعري دون تحفظ، وأشارك في نقاشات كان يخيفني الانخراط فيها سابقًا. كل مرة كنت أتجاوز فيها حاجز الخوف، أشعر بأنني أقترب أكثر من ذاتي الحقيقية.
الجرأة التي قررتها لم تكن عنفوانًا ولا تهورًا، بل كانت امتلاكًا لصالحي، احترامًا لمشاعري ورغباتي، ورغبة في النمو. تعلمت أن الجرأة لا تعني تجاهل الحدود أو التهور، بل تعني معرفة متى وكيف تعبر عن نفسك بطريقة متزنة وشجاعة.
في النهاية، أصبحت جرأتي هذه المرة ليست فعلًا واحدًا، بل نمط حياة جديد أتبناه بكل فخر. لقد علمتني أن الحياة تحتاج إلى قرارات جريئة مدروسة، وأن الجرأة قد تفتح أمامنا أبوابًا لم نكن نجرؤ على الاقتراب منها من قبل. وهكذا، أصبحت أكثر قربًا من تحقيق أحلامي، وأعمق فهمًا لنفسي، وأكثر اتصالًا بالعالم من حولي.