في لحظة هدوءٍ تملأ الغرفة، كان الضوء الخافت يتسلل من نافذة صغيرة، يحاول أن يوقظ أطياف الذاكرة من سباتها العميق. كانت نائمة في عالمها الخاص، حيث لا تصل أصوات العالم الخارجي ولا تزعج راحة فكرها. فجأة، جاءت لمسة غير مقصودة، كنسمة هواء لطيفة لم تكن مدركة لها.
كانت تلك اللمسة من يد زميلٍ في العمل، حينما مدّها بلطف لتحريك شيء سقط بجانبها دون قصد منه. لم تكن تلك الحركة مجرد تفصيل عابر، بل كانت بوابة نحو حالة جديدة. فتح جفنها ببطء، وكأنها تستيقظ من حلم طويل، حيث عادت الحساسية والإحساس إلى قلبها مرة أخرى.
في تلك الثواني، شعرت بأن اللمسة لم تكن مجرد تماس جسدي، بل كانت بمثابة شرارة أيقظت مشاعر دفنت في أعماقها. مشاعر لطالما أرادت أن تجد طريقها إلى السطح، لكنها لم تكن تعرف كيف. تلاشى الضباب العاطفي الذي أحاط بها، وبدأت تنظر إلى عالمها بعيون أكثر وضوحاً وعمقاً.
لم تكن تلك اللمسة تحمل فقط دفء جسدي، بل حملت معها درساً: أحياناً، أيقظتنا لحياة نشعر بها من جديد لا تأتي من نوايا كبيرة أو مواقف درامية، بل من تفاصيل بسيطة وعفوية في حياة تتداخل فيها الأرواح بلا تحفظ.
وقفت في ذلك المساء، بابتسامة هادئة على شفتيها، متذكرة أن أجمل اللحظات في حياتنا قد تكون غير متوقعة، وأن أعمق الشعور بالوجود ينبع من أبسط اللمسات. بهذا الاستيقاظ، عرفت أن كل يوم يحمل فرصة جديدة للحياة، وأن القلب، مهما غاب، يمكن أن ينبض من جديد بلحظة واحدة قادمة من عالم لم يكن في الحسبان.