في يوم صيفي هادئ، جلس سامر في مقهى صغير يطل على شارع قديم في وسط المدينة. كان يحمل بين يديه كتابًا كلاسيكيًا عتيقًا وجده صدفة في أحد أسواق الكتب القديمة. صفحات الكتاب كانت تبدو مهترئة، تحمل بين سطورها ذكريات عصور مضت وقصصًا من زمن بعيد.

بينما كان سامر مستغرقًا في القراءة، التقطت نظره صورة قديمة وضعت داخل غلاف الكتاب. كانت صورة لرجل يرتدي ملابس تقليدية تعود لأوائل القرن الماضي، ووراءه بناء قديم لم يتغير كثيرًا مع مرور الزمن. تعمق سامر في التفكير: كيف يمكن لهذه الصورة أن تظل محفوظة في كتاب بين يديه بعد كل هذه السنين؟

وفي لحظة غير متوقعة، مرت أمام المقهى امرأة مسنة تحمل حقيبة جلدية قديمة تشبه تلك التي في الصورة. تساءل سامر إن كان هناك رابط بينهما. تشجع سامر واقترب منها، وسألها عن الصورة إن كانت تعرف شيئًا عنها. ابتسمت المرأة وقالت بنبرة دافئة: “هذه صورة عمي، كان يحلم بأن يتحقق السلام في المدينة، وكان يسجل قصص الناس ليخلدها للأجيال القادمة.”

بدأ الحديث بينهما، واستمع سامر إلى حكايات من الماضي، قصص عن أوقات صعبة وأيام مليئة بالأمل، كيف اجتمعت أرواح الناس رغم كل المصاعب، وكيف أن الماضي ما زال ينبض بالحياة في قلوب الحاضرين.

كانت الصدفة التي جمعت سامر بتلك المرأة ومذكرات أسرتها جسرًا بين الماضي والحاضر. فاعتمد سامر على هذه القصص ليكتب عنها ويحفظها من النسيان، مؤمنًا أن الماضي حيٌّ بذكرياته، وأن الحاضر هو امتداد له، وأن الصدفة أحيانًا تكون بداية لرحلة استكشاف أعمق بين أزمان متقاربة بروح واحدة.

وهكذا، أدرك سامر أن الزمن ليس خطًا مستقيمًا، بل دائرة من اللقاءات والذكريات التي تعبر من خلالها أرواحنا، لتجمع بين الماضي والحاضر في لحظة بسيطة تحمل في طياتها معاني لا تنسى.

من lakhe